قطعنا على عقابه وذمه من الكفار والفساق فإنا نذمه بشرط عدم التوبة وعدم العفو، ومن غاب من الفساق نذمه بشرط عدم التوبة وعدم العفو، ويشترط الأمرين في خبره.
وليس ههنا من يقطع على ثبوت ثوابه بإظهار الإيمان والطاعة إلا من أدل دليل على عصمته وأمنا فعل القبيح والاخلال بالواجب من جهته.
فصل (في ذكر أحكام المكلفين في القبر والموقف والحساب) (وغير ذلك مما يتعلق بالوعيد) أجمعت الأمة على عذاب القبر لا يختلفون فيه، وما يحكى عن ضرار بن عمرو من الخلاف فيه لا يعتد به لأنه سبقه الإجماع وتأخر عنه وإن اختلفوا في وقت عذاب القبر: فقال جمهور الأمة من أصحاب الحديث أنه حين الدفن، وقال قوم يجوز أن يكون عند قيام الساعة.
والظواهر لا يمكن الاستدلال بها على ثبوت عذاب القبر، لأنها مجملة نحو قوله " ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " 1) وغير ذلك، وقد بينا القول فيها في شرح الجمل.
وأنكر قوم عذاب القبر، فقالوا هو محال، ومنهم من قال هو قبيح.
وقولهما يبطل بحصول الإجماع على ثبوته وأنه واقع، وذلك يدل على جوازه وحسنه أيضا، فالميت إذا أعيد حيا جاز أن يعاقب، فلا وجه لإحالته. فأما من أحاله ربما ظن أنه يعاقب وهو ميت، وهذا لا يقوله أحد.