مدعيا، وإن لم يدع علمنا أنه ليس بنبي، لأنه لو كان نبيا لوجب بعثته ووجب عليه ادعاؤه ولوجب ظهور المعجز عليه. فبان الفرق بين النبي والإمام والصالح.
فعلى هذا لا يلزم أن يظهر الله على يد كل إمام معجزا، لأنه يجوز أن يعلم إمامته بنص أو طريق آخر، ومتى فرضنا أنه لا طريق إلى معرفة إمامته إلا المعجز وجب إظهار ذلك عليه وجرى مجرى النبي سواء، لأنه لا بد لنا من معرفته كما لا بد لنا من معرفة النبي المتحمل لمصالحنا.
ولو فرضنا في نبي علمنا نبوته بالمعجز أنه نص على نبي آخر لأغنى ذلك عن ظهور المعجز على يد النبي الثاني، بأن نقول: النبي الأول أعلمنا أنه نبي كما يعلم بنص إمام على إمامته ولا يحتاج إلى معجز.
وليس لأحد أن يقول: تجويز إظهار المعجز على يد من ليس بنبي ينفر عن النظر في معجز النبي. وذلك أن المعجز لا يكون إلا عقيب الدعوى، فإن كانت الدعوى للنبوة وجب النظر فيما يدعيه من المعجز، فإن كان صحيحا قطعنا [على صدقه وإن لم يكن صحيحا قطعنا] 1) على كذبه. ولا يجوز أن يكون نبيا ولا إماما إذا ادعى الإمامة فمثل ذلك وليس ههنا موضع يظهر المعجز مع ادعائه النبوة ويجوز كونه إماما، فيكون فيه تنفير.
على أن تجويزنا كونه إماما ليس بأكثر من تجويزنا كونه محرفا كذابا، ومع ذلك يلزمنا النظر في معجزه فكيف يقال أن ذلك منفرا عنه.
فأما وجوب النظر في معجزه فإن كان مدعيا للنبوة فإنه يلزمنا ذلك لأنا لا نأمن كونه صادقا، وكذلك إن ادعى كونه إماما يلزمنا مثل ذلك، لأن لنا في معرفة الإمام مصالح وربما لا نعلم كثيرا من الشريعة إلا بقوله، وإن كان مدعيا للصلاح لا يجب علينا النظر في معجزه وإن كان لا يحسن ذلك، لأن وجه وجب النظر في