هذه الأشياء جمادات ومسخرات، وكيف يصح منها فعل ما يستحق به العبادة.
وقولهم " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " 1) باطل، لأن التقرب إلى الله بالقبائح قبيح في العقول. وليس يجري ذلك مجرى تعظيما للبيت الحرام والحجر وسجودنا إليه، وذلك أنا نسجد لله تعالى ونتقرب إليه لا إلى البيت والحجر، وإنما تعبدنا الله بذلك ورغبنا فيه. فنظير ذلك أن ثبت بشرع مقطوع به التقرب إلى الله والسجود له بالتوجه إلى هذه الأشياء، والقوم لا يذهبون إليه، فبطل تشبيههم بما قلناه وبان الفرق بينهما.
(الكلام في العدل) الغرض بالكلام في العدل الكلام في تنزيه الله تعالى عن فعل القبيح والاخلال بالواجب، فإذا حصل العلم بذلك حصل العلم بالعدل.
والطريق الموصل إلى ذلك أن نبين أنه تعالى قادر على القبيح ثم نبين بعد ذلك أنه لا يفعله بعد أن نبين تقدم معنى الفعل وانقسامه ثم نعود إلى الغرض.
وحقيقة الفعل ما وجد بعد أن كان معدوما.
ولا يخلو الفعل من أن يكون له صفة زائدة على حدوثه أم لا يكون له صفه زائدة، فما ليس له صفة زائدة هو كلام الساهي والنائم وحركات أعضائه التي لا تتعداه، وما له صفة زائدة على حدوثه إما أن يكون حسنا أو قبيحا، فالحسن هو كل فعل إذا فعله العالم به أو المتمكن من العلم به مختارا لا يستحق عليه الذم.
وهو على ضربين: أحدهما له صفة زائدة على حسنه، والآخر لا صفة له زائدة على حسنه. فما لا صفة له زائدة على حسنه هو الموصوف بأنه مباح إذا