من النهار بلدا لا فيلة ورأى أفيلة 1) وخرج منها وطالت مدته لا يجوز أن ينسى ذلك ولا يذكره مع شدة تذكره. على أن هذا المذهب يؤدي إلى قبح التكليف الذي لم يتقدمه تكليف آخر لا بد أن يكون فيه مشقة وإلا لم يصح التكليف، فبأي شئ استحقت تلك المشقة فلا بد من المناقضة أو القول بتكليفات لا نهاية لها، وكل ذلك باطل.
فأما الكلام في العوض فأول ما نقول: إن العوض هو النفع [المستحق] 2) الخالي من تعظيم وتبجيل. فبكونه نفعا يتميز مما ليس بنفع، وبكونه مستحقا يتميز من التفضل وبخلوه من تعظيم وتبجيل يتميز من الثواب.
فإذا ثبت ذلك فكل ألم يفعله الله تعالى أو يفعل بأمره كالهدايا والأضاحي وغير ذلك أو فعل بإباحة كإباحة ذبح البهائم فإن عوض ذلك أجمع على الله تعالى، لأنه لو لم يكن فيه عوض لكان ظلما وذلك لا يجوز عليه تعالى، ولو كان على المؤلم منا لما حسن الألم، لأن ما في مقابلته من الانتصاف لا يحسن الألم وإنما تحسنه المنافع العظيمة الموفية عليه، وفي علمنا بحسن ذلك أجمع دليل على أن عوضه عليه، وما يفعله الله تعالى من الآلام ويأمر به وجوبا أو ندبا فلا بد فيه من العوض، والاعتبار على ما بيناه.
فأما ما يبيحه فوجه حسنه أنه لطف لغير الذابح، لأن الواحد منا لا يجب عليه لطف الغير على ما بيناه، فإذا كان في ذلك لطف لغير الذابح فإن علم الله