لما استحق تعالى الشكر بفعلها، لأن من فعل واجبا كقضاء الدين ورد الوديعة لا يستحق الشكر وإنما يستحق الشكر بالتفضل المحض، ولو لم يستحق الشكر لما استحق العبادة لأنها كيفية في الشكر، وذلك خلاف الإجماع.
وهو تعالى وإن استحق الشكر على الثواب والعوض الواجبين، فلأن سبب الثواب التكليف وهو تفضل، وكذلك الآلام التي يستحق بها العوض تابعة للتكليف الذي هو تفضل.
وأما الكلام في الآلام فيقع من وجوه:
أحدها في إثباتها:
والكلام في ذلك ظاهر لا نتشاغل به، لأن المعلوم ضرورة الأمر الذي يتألم به الحي ويدركه مع نفار طبعه عنه، فدفع ذلك مكابرة. وإنما الكلام يقع في حسنه أو قبحه، لأن في الناس من قال الآلام كلها قبيحة وهم الثنوية والمجوس، ومن قال إن فيها ما هو حسن اختلفوا فمنهم من قال لا وجه لحسنها إلا الاستحقاق وهم التناسخية والبكرية.
والصحيح أن في الآلام ما هو حسن وفيها ما هو قبيح، فما يقبح منها يقبح لوجوه ثلاثة: أحدها لكونه ظلما، وثانيها أن يكون مفسدة، وثالثها أن يكون عبثا. وما عداه يكون حسنا.
وإن شئت قلت: الآلام لم تحسن إلا لنفع يوفى عليه أو دفع ضرر أعظم منه أو الاستحقاق أو يكون واقعا على وجه المدافعة، فمتى خلا من ذلك أجمع كان قبيحا.
فأما الظلم فهو الضرر الذي لا يقع فيه وفاء عليه ولا دفع ضرر أعظم منه