فصل (في صفات الإمام) يجب أن يكون الإمام معصوما من القبائح والاخلال بالواجبات، لأنه لو لم يكن كذلك لكانت علة الحاجة قائمة فيه إلى إمام آخر، لأن الناس إنما احتاجوا إلى إمام لكونهم غير معصومين، ومحال أن تكون العلة حاصلة والحاجة مرتفعة، لأن ذلك نقص العلة.
ولو احتاج إلى إمام لكان الكلام فيه كالكلام في الإمام الأول، وذلك يؤدي إلى وجود أئمة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى إمام معصوم ليس من ورائه إمام، وهو المطلوب.
وإنما قلنا " أن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة " لأن الذي دلنا على الحاجة [دلنا على جهة الحاجة. ألا ترى أن دليلنا] 1) في وجوب الرئاسة هو أن الفساد تقل عند وجوده وانبساط سلطانه وتكثر الصلاح، وذلك لا يكون إلا ممن ليس بمعصوم لأنهم لو كانوا معصومين لكان الصلاح شاملا أبدا والفساد مرتفعا، فلم يحتج إلى رئيس يعلل ذلك. فبان أن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة ويجب أن تكون مرتفعة عن الإمام وإلا أدى إلى ما بينا فساده.
وليس يلزم على ذلك عصمة الأمراء والحكام وإن كانوا رؤساء، لأنهم إذا لم يكونوا معصومين فلهم رئيس معصوم، وقد أشرنا إليه فلم ينتقض علينا.
والإمام لا إمام له ولا رئيس فوق رياسته، فلذلك وجب أن يكون معصوما.
فإن قالوا: الأمة أيضا من وراء الإمام متى أخطأ عزلته وأقامت غيره مقامه.