يؤدي إلى تجويز الانكار على كل قادر، والمعلوم خلافه.
واعتبرنا الشرط الثالث من تجويز تأثير إنكاره لأن المنكر له ثلاثة أحوال: حال يكون ظنه فيها بأن إنكاره يؤثر فإنه يجب عليه إنكاره بلا خلاف والثاني يغلب على ظنه أنه لا يؤثر إنكاره، والثالث يتساوى ظنه في وقوعه وارتفاعه. فعند هذين قال قوم يرتفع وجوبه، وقال قوم لا يسقط وجوبه.
وهو الذي اختاره المرتضى رحمه الله، وهو الأقوى، لأن عموم الآيات والأخبار الدالة على وجوبه لم يخصه بحال دون حال. فأما إذا خاف على نفسه أو ماله أو كان فيه مفسدة له أو لغيره فهو قبيح، لأن المفسدة قبيحة.
وفي الناس من قال: مع الخوف على النفس إنما يسقط الوجوب ولا يخرج عن الحسن إذا كان فيه إعزازا للدين. وهذا غير صحيح، لما قلناه من أنه مفسدة.
والخوف على المال يسقط أيضا الوجوب والحسن، لما قلناه من كونه مفسدة، وفي الناس من قال هو مندوب إليه، وقد بينا فساده.
وجملته أنه متى غلب على ظنه أن إنكاره يؤدي إلى وقوع قبيح لولاه لم يقع فإنه يقبح لا لأنه مفسدة، سواء كان ما يقع عنده من القبيح صغيرا أو كبيرا، من قتل نفس أو قطع عضو أو أخذ مال كثير أو يسير، فإن الكل مفسدة.
ولا يلزم على ذلك سقوط فرض الصلاة والصوم عند الخوف على المال كما يسقط عند الخوف على النفس، لأن الله تعالى لو علم أن في العبادات الشرعية مفسدة في بعض الأحوال لأسقطها عنا، ولما علمنا وجوبها على كل حال علمنا أن المفسدة لا تحصل في فعلها على حال. ولا يلزم مثل ذلك في إنكار المنكر، لأنه لا خلاف أن وجوبه مشروط بأن لا يكون فيه مفسدة، وليس كذلك العبادات الشرعية، لأن الأمة مجتمعة على وجوبها من غير شرط.