به، لأن المعلوم ضرورة خلاف قولهم. على أن القوم إنما خالفوا في صفة العلم وظنوا أن ذلك ظن وحسبان دون أن يكون ذلك علما يقينا.
والعلم بالفرق بين العلم والظن طريقه الدليل وإن كان في العلوم ما يقع عن نظر فيحتاج أن نبين حقيقة النظر.
والنظر هو الفكر، ويجد الواحد منا نفسه كذلك ضرورة، ويفصل بين كونه مفكرا وبين كونه مريدا أو كارها. والفكر هو التأمل في الشئ المفكر فيه والتمثيل بينه وبين غيره، وبهذا يتميز من سائر الأعراض من الإرادة والاعتقاد.
وليس في المتعلقات بأغيارها شئ يتعلق بكون الشئ على صفة أو ليس عليها غير النظر.
والناظر من كان على صفة مثل ما قلناه في كونه عالما ومريدا، وليس الناظر من فعل النظر، بدلالة أنه يجد نفسه ناظرة ولا يجد نفسه فاعلة. ومن شأن الناظر أن لا يكون ساهيا ويكون إما عالما أو ظانا أو معتقدا. ومن شرط الناظر أن يجوز كون المنظور فيه على ما ظنه وأنه ليس عليه.
وهذا التحرير يحصل مع الشك والظن واعتقاد ليس بعلم، وإنما يرتفع مع العلم أو الجهل الواقع عن شبهة، لأن الجاهل يتصور نفسه تصور العالم، فلا يجوز كون ما اعتقده على خلاف ما اعتقده، وإن كان السكون لا يكون معه وإنما يكون مع العلم.
ومن شأن النظر إذا كان مولدا للعلم أن يكون واقعا في دليل، وإذا كان مقتضيا للظن أن يكون واقعا في أمارة ومتعلقا بها. ومن حق النظر المولد للعلم أن يكون الناظر عالما بالدليل على الوجه الذي يدل ليصح أن يولد نظره العلم.
ومتى كان معتقدا للدليل غير عالم به صح أن يقع منه النظر، غير أنه لا يولد نظره العلم، لأنه لو لم يكن عالما بالدليل لم يمتنع أن يكون عالما بأن زيدا قادر