ولا يكون مستحقا ولا حاصلا على وجه المدافعة سواء كانت هذه الوجوه معلومة أو مظنونة.
والذي يدل على أن الألم يحسن إذا كان فيه نفع يوفى عليه ما نعلمه ضرورة من حسن إخراج ما يملكه من المتاع والعقار بعوض إذا غلب في ظنونا أن النفع بالعوض أكثر منه، وإنما حسن تفويت المنافع بما يخرجه لأجل النفع الذي يحصل بالعوض لا يختلف العقلاء في حسن ذلك.
ووجه حسن هذا الألم هو علمه بماله فيه من النفع أو ظنه دون حصول النفع فيه، بدلالة أنه لو كان فيه نفع ولم يعلم أن فيه نفعا ولا ظنه لما حسن منه تحمل هذا الألم، وإذا علم ذلك أو ظنه حسن، فعلم أن وجه حسنه ما قلناه.
ولا يلزم أن يكون الظلم حسنا لما فيه من العوض، لأنا نعتبر أن يكون النفع موفيا عليه ويكون مقصودا، أو ما هو في مقابلة الظلم إنما يفعله الله ويأخذه من الظالم على وجه الانتصاف لا يكون موفيا عليه بل بحسب الألم.
وأيضا فالظالم لم يقصد نفع المظلوم، فلم يحصل القصد أيضا.
وأيضا فالمعلوم ضرورة حسن تحمل ألم الأسفار طلبا للأرباح وتحمل المشاق في طلب العلم لمكان حصول العلم، فعلم أن تحمل الألم يحسن للنفع.
وأما الذي يدل على أن الألم يحسن لدفع ضرر أعظم منه ما نعلمه ضرورة من حسن عدونا على الشوك هربا من السبع أو النار أو خوفا من وقوع حائط وما أشبه ذلك، ويحسن منا شرب الدواء الكريه دفعا للأمراض والخلاص منها، ويحسن الفصد وقطع الأعضاء خوفا من السراية إلى النفس. ووجه حسن جميع ذلك ظن دفع الضرر الموفي عليه، لأن العلم باندفاع الضرر ليس يكاد يحصل في موضع، لكن إذا حصل الحسن مع الظن فمع العلم أولى وأحسن.