وأيضا كان يجب أن يحسن أن يقصد إيلامه ولا يقصد دفعه، كما يجوز أن [يقصد ذبح البهيمة، وقد علمنا أنه لا يحسن أن] 1) يقصده.
وإنما قلنا أن الألم يقبح لكونه عبثا، لأن العبث ما لا غرض فيه أو لا غرض مثله فيه، والألم يكون عبثا إذا فعل لنفع يمكن الوصول إليه من دون الألم ولا غرض له فيه زائدا على ذلك بدل على قبح ذلك أنا نعلم أنه يقبح من أحدنا أن يواطئ غيره ويوافقه على أن يضربه لعوض يدفعه إليه يرضى بمثله في تحمل ذلك الضرب، لأنه بالعوض خرج من كونه ظلما، وإنما قبح لأنه لا غرض فيه حكمي.
وأما الألم إذا كان فيه مفسدة فمعلوم قبحه ضرورة لا شبهة فيه، ولا يجوز أن يكون الألم قبيحا لكونه ألما على ما قالت الثنوية، لما بيناه من أن ههنا آلاما حسنة للنفع ولدفع الضرر والاستحقاق، فبطل قولهم. ولا يجوز أن يقبح الألم لكونه ضررا، لأنه لو كان كذلك لقبح العقاب لأن فيه ضررا لقبح العقاب، وقد علمنا حسنه لكونه مستحقا. ومن قال العقاب ليس بضرر كان مكابرا.
والألم إذا كان فيه نفع يوفى عليه أو دفع ضرر أعظم منه لا يكون ضررا، ومن قال إنه ضرر فقد أخطأ، لأنه يلزم أن يكون من خدش جلد غيره بإخراجه من العرق وتخليصه من الهلاك أن يكون مضرا به، وهذا معلوم خلافه.
ولو كان العقاب لا يسمى ضررا لما جاز أن يقال في الله تعالى أنه ضار، وأجمع المسلمون على إطلاق ذلك، والقديم تعالى لا يحسن أن يفعل الألم إلا للنفع أو الاستحقاق لا غير، فأما لدفع الضرر فلا يجوز. والظن لا يجوز عليه لأنه عالم لنفسه.
وإنما قلنا ذلك لأن من شرط حسن الألم لدفع الضرر أن يكون ذلك الضرر