لما كانت الأشهر شرعت بدلا عن الأقراء والبدل يعتبر بتمامها، فإن الأشهر لا بد من إتمامها وجب أيضا أن يكون الكمال معتبرا في المبدل، فلا بد وأن تكون الأقراء الكاملة هي الحيض، أما الأطهار فالواجب فيها قرءان وبعض. الحجة الرابعة: لهم: قوله صلى الله عليه وسلم: " طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان " وأجمعوا على أن عدة الأمة نصف عدة الحرة، فوجب أن تكون عدة الحرة هي الحيض.
الحجة الخامسة: أجمعنا على أن الاستبراء في شراء الجواري يكون بالحيضة، فكذا العدة تكون بالحيضة، لأن المقصود من الاستبراء والعدة شيء واحد.
الحجة السادسة: لهم: أن الغرض الأصلي في العدة استبراء الرحم، والحيض هو الذي تستبرأ به الأرحام دون الطهر، فوجب أن يكون المعتبر هو الحيض دون الطهر.
الحجة السابعة: لهم: أن القول بأل القروء هي الحيض احتياط وتغليب لجانب الحرمة، لأن المطلقة إذا مر عليها بقية الطهر وطعنت في الحيضة الثالثة فإن جعلنا القرء هو الحيض، فحينئذ يحرم للغير التزوج بها، وإن جعلنا القرء طهرا، فحينئذ يحل للغير التزوج بها، وجانب التحريم أولى بالرعاية، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتمع الحرام والحلال إلا وغلب الحرام الحلال " ولأن الأصل في الإبضاع الحرمة، ولأن هذا أقرب إلى الاحتياط، فكان أولى لقوله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " فهذا جملة الوجوه في هذا الباب.
واعلم أن عند تعارض هذه الوجوه تضعف الترجيحات، ويكون حكم الله في حق الكل ما أدى اجتهاده إليه.
أما قوله تعالى: * (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) * فاعلم أن انقضاء العدة لما كان مبنيا على انقضاء القرء في حق ذوات الأقراء، وضع الحمل في حق الحامل، وكان الوصول إلى علم ذلك للرجال متعذرا جعلت المرأة أمينة في العدة، وجعل القول قولها إذا ادعت انقضاء قرئها في مدة يمكن ذلك فيها، وهو على مذهب الشافعي رضي الله عنه اثنان وثلاثون يوما وساعة، لأن أمرها يحمل على أنها طلقت طاهرة فحاضت بعد سعة، ثم حاضت يوما وليلة وهو أقل الحيض، ثم طهرت خمسة عشر يوما وهو أقل الطهر، مرة أخرى يوما وليلة، ثم طهرت خمسة عشر يوما، ثم رأيت الدم فقد انقضت عدتها بحصول ثلاثة أطهار، فمتى ادعت هذا أو أكثر من هذا قبل قولها، وكذلك إذا كانت حاملا فادعت أنها أسقطت كان القول قولها، لأنها على أصل أمانتها.