بعض أهل العلم بكلام العرب أن البرد في هذا الموضع النوم، وأن معنى الكلام:
لا يذوقون فيها نوما ولا شرابا، واستشهد لقيله ذلك بقول الكندي:
بردت مراشفها علي فصدني * عنها وعن قبلاتها البرد يعني بالبرد: النعاس والنوم إن كان يبرد غليل العطش، فقيل له من أجل ذلك البرد، فليس هو باسمه المعروف، وتأويل كتاب الله على الأغلب من معروف كلام العرب، دون غيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27942 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا فاستثنى من الشراب الحميم، ومن البرد: الغساق.
وقوله: إلا حميما وغساقا يقول تعالى ذكره: لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما قد أغلي حتى انتهى حره، فهو كالمهل يشوي الوجوه، ولا برد إلا غساقا.
واختلف أهل التأويل في معنى الغساق، فقال بعضهم: هو ما سال من صديد أهل جهنم. ذكر من قال ذلك:
27943 - حدثنا أبو كريب ومحمد بن المثنى، قالا: ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية بن سعد، في قوله: حميما وغساقا قال: هو الذي يسيل من جلودهم.
27944 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، قال: ثنا أبو عمرو، قال: زعم عكرمة أنه حدثهم في قوله: وغساقا قال: ما يخرج من أبصارهم من القيح والدم.
27945 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان، عن منصور عن إبراهيم وأبي رزين إلا حميما وغساقا قالا: غسالة أهل النار لفظ ابن بشار وأما ابن المثنى فقال في حديثه: ما يسيل من صديدهم.
وحدثنا ابن بشار مرة أخرى عن عبد الرحمن، فقال كما قال ابن المثنى.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين وغساقا قال: ما يسيل من صديدهم.