والصواب من القول في ذلك، أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمر نبيه محمدا (ص) أن يقول: أعوذ برب الفلق والفلق في كلام العرب: فلق الصبح، تقول العرب: هو أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح. وجائز أن يكون في جهنم سجن اسمه فلق. وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن جل ثناؤه وضع دلالة على أنه عني بقوله برب الفلق بعض ما يدعى الفلق دون بعض، وكان الله تعالى ذكره رب كل ما خلق من شئ، وجب أن يكون معنيا به كل ما اسمه الفلق، إذ كان رب جميع ذلك.
وقال جل ثناؤه: من شر ما خلق لأنه أمر نبيه أن يستعيذ من شر كل شئ، إذ كان كل ما سواه، فهو ما خلق.
وقوله: ومن شر غاسق إذا وقب يقول: ومن شر مظلم إذا دخل، وهجم علينا بظلامه.
ثم اختلف أهل التأويل في المظلم الذي عني في هذه الآية، وأمر رسول الله (ص) بالاستعاذة منه، فقال بعضهم: هو الليل إذا أظلم. ذكر من قال ذلك:
29657 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ومن شر غاسق إذا وقب قال: الليل.
29658 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، قال: أنبأنا عوف، عن الحسن، في قوله: ومن شر غاسق إذا وقب قال: أول الليل إذا أظلم.
29659 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا أبو صخر، عن القرظي أنه كان يقول في: غاسق إذا وقب يقول: النهار إذا دخل في الليل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل من أهل المدينة، عن محمد بن كعب ومن شر غاسق إذا وقب قال: هو غروب الشمس إذا جاء الليل، إذا وقب.
29660 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
غاسق قال: الليل إذا وقب قال: إذا دخل.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ومن شر غاسق إذا وقب قال: الليل إذا أقبل.