والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الايمان واتباعك يستدل بقوله: فليعبدوا رب هذا البيت.
وكان بعض أهل التأويل يوجه تأويل قوله: لايلاف قريش إلى ألفة بعضهم بعضا.
ذكر من قال ذلك:
29420 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله:
لايلاف قريش فقرأ: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل إلى آخر السورة، قال: هذا لايلاف قريش، صنعت هذا بهم لألفة قريش، لئلا أفرق ألفتهم وجماعتهم، إنما جاء صاحب الفيل ليستبيد حريمهم، فصنع الله ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن هذه اللام بمعنى التعجب. وأن معنى الكلام: اعجبوا لايلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام، فأدخلوها في الكلام للتعجب اكتفوا بها دليلا على التعجب من إظهار الفعل الذي يجلبها، كما قال الشاعر:
أغرك أن قالوا لقرة شاعرا * فيا لأباه من عريف وشاعر فاكتفى باللام دليلا على التعجب من إظهار الفعل وإنما الكلام: أغرك أن قالوا:
اعجبوا لقرة شاعرا فكذلك قوله: لايلاف.
وأما القول الذي قاله من حكينا قوله، أنه من صلة قوله: فجعلهم كعصف مأكول فإن ذلك لو كان كذلك، لوجب أن يكون لايلاف بعض ألم تر، وأن لا تكون سورة منفصلة من ألم تر وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان كل واحدة منهما منفصلة عن الأخرى، ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك. ولو كان قوله:
لايلاف قريش من صلة قوله: فجعلهم كعصف مأكول لم تكن ألم تر تامة حتى توصل بقوله: لايلاف قريش لان الكلام لا يتم إلا بانقضاء الخبر الذي ذكر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: