يقول تعالى ذكره: وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين يقول: مفردين له الطاعة، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك، فأشركت اليهود بربها بقولهم إن عزيرا ابن الله، والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك، وجحودهم نبوة محمد (ص).
وقوله: حنفاء قد مضى بياننا في معنى الحنيفية قبل، بشواهده المغنية عن إعادتها، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر قبل من الاخبار في ذلك. ذكر من قال ذلك:
29204 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: مخلصين له الدين حنفاء يقول: حجاجا مسلمين غير مشركين، يقول: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويحجوا وذلك دين القيمة.
29205 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء والحنيفية: الختان، وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات، والخالات، والمناسك.
وقوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة يقول: وليقيموا الصلاة، وليؤتوا الزكاة.
وقوله: وذلك دين القيمة يعني أن هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، هو الدين القيمة، ويعني بالقيمة: المستقيمة العادلة، وأضيف الدين إلى القيمة، والدين هو القيم، وهو من نعته لاختلاف لفظيهما. وهي في قراءة عبد الله فيما أرى فيما ذكر لنا: وذلك الدين القيمة وأنثت القيمة، لأنها جعلت صفة للملة، كأنه قيل: وذلك الملة القيمة، دون اليهودية والنصرانية. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29206 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله وذلك دين القيمة هو الدين الذي بعث الله به رسوله، وشرع لنفسه، ورضي به.
29207 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
كتب قيمة وذلك دين القيمة قال: هو واحد قيمة: مستقيمة معتدلة. القول في تأويل قوله تعالى: