وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال معنى ذلك: إن الله على رد الانسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيا، كهيئته قبل مماته لقادر.
وإنما قلت هذا أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لقوله: يوم تبلى السرائر فكان في اتباعه قوله: إنه على رجعه لقادر نبأ من أنباء القيامة، دلالة على أن السابق قبلها أيضا منه، ومنه يوم تبلى السرائر يقول تعالى ذكره: إنه على إحيائه بعد مماته لقادر، يوم تبلى السرائر فاليوم من صفة الرجع، لان المعنى: إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر.
وعني بقوله: يوم تبلى السرائر يوم تختبر سرائر العباد، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيا عن أعين العباد، من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها، وكلفه العمل بها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28608 - حدثت عن عبد الله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، في قوله: يوم تبلى السرائر قال: ذلك الصوم والصلاة وغسل الجنابة، وهو السرائر ولو شاء أن يقول: قد صمت وليس بصائم، وقد صليت ولم يصل، وقد اغتسلت ولم يغتسل.
28609 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة يوم تبلى السرائر إن هذه السرائر مختبرة، فأسروا خيرا وأعلنوه إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله.
28610 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان يوم تبلى السرائر قال:
تختبر.
وقوله: فما له من قوة ولا ناصر يقول تعالى ذكره: فما للانسان الكافر يومئذ من قوة يمتنع بها من عذاب الله، وأليم نكاله، ولا ناصر ينصره، فيستنقذه ممن ناله بمكروه، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوة من عشيرته، يمتنع بهم ممن أراده بسوء، وناصر من حليف ينصره على من ظلمه واضطهده. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28611 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فما له من قوة ولا ناصر ينصره من الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ولا ناصر قال: من قوة يمتنع بها، ولا ناصر ينصره من الله.