وقوله: حديثا والحديث الذي أسر إليها في قول هؤلاء هو قوله لمن أسر إليه ذلك من أزواجه تحريم فتاته، أو ما حرم على نفسه مما كان الله جل ثناؤه قد أحله له، وحلفه على ذلك وقوله: لا تذكري ذلك لاحد.
وقوله: فلما نبأت به يقول تعالى ذكره: فلما أخبرت بالحديث الذي أسر إليها رسول الله (ص) صاحبتها وأظهره عليه يقول: وأظهر الله نبيه محمد (ص) على أنها قد أنبأت بذلك صاحبتها.
وقوله: عرف بعضه وأعرض عن بعض اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار غير الكسائي: عرف بتشديد الراء، بمعنى: عرف النبي (ص) حفصة بعض ذلك الحديث وأخبرها به، وكان الكسائي يذكر عن الحسن البصري وأبي عبد الرحمن السلمي وقتادة، أنهم قرأوا ذلك: عرف بتخفيف الراء، بمعنى: عرف لحفصة بعض ذلك الفعل الذي فعلته من إفشائها سره، وقد استكتمها إياه: أي غضب من ذلك عليها رسول الله (ص)، وجازاها عليه من قول القائل لمن أساء إليه: لأعرفن لك يا فلان ما فعلت، بمعنى: لأجازينك عليه قالوا: وجازاها رسول الله (ص) على ذلك من فعلها بأن طلقها.
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه عرف بعضه بتشديد الراء، بمعنى: عرف النبي (ص) حفصة، يعني ما أظهره الله عليه من حديثها صاحبتها لاجماع الحجة من القراء عليه.
وقوله: وأعرض عن بعض يقول: وترك أن يخبرها ببعض. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26668 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا قوله لها: لا تذكريه فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض وكان كريما (ص).
وقوله: فلما نبأها به يقول: فلما خبر حفصة نبي الله (ص) بما أظهره الله عليه من إفشائها سر رسول الله (ص) إلى عائشة قالت من أنبأك هذا يقول: قالت حفصة لرسول الله: من أنبأك هذا الخبر وأخبرك به قال نبأني العليم الخبير يقول تعالى ذكره:
قال محمد نبي الله لحفصة: خبرني به العليم بسرائر عباده، وضمائر قلوبهم، الخبير