وانما كان السجود لغير الله حراما لأنه يستخدم عادة في العبادة، فاريد للانسان المسلم أن يتنزه عما يوهم العبادة لغير الله تعالى.
وأما إذا كان السجود للتعظيم وبأمر من الله تعالى، فلا يكون حراما، بل يكون واجبا.
ولكن يبقى السؤال: أن هذا السجود ماذا كان يعني؟
فقد ذكر بعض المفسرين - انطلاقا من فكرة أن هذا الحديث لا يراد منه إلا التربية والتمثيل وليس المصاديق المادية لمفرداته ومعانيه - أن السجود المطلوب انما هو خضوع هذه القوى المتمثلة بالملائكة للانسان، بحيث إن الله تعالى أودع في شخصية هذا الانسان وطبيعته من المواهب ما تخضع له هذه القوى الغيبية وتتأثر بفعله وارادته: ﴿ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا...﴾ (١).
كما أنه يمكن أن يكون هذا السجود سجودا حقيقيا بالشكل الذي يتناسب مع الملائكة، ويكون طلب السجود منهم لادم من أجل أن يعبروا بهذا السجود عن خضوعهم أو تقديسهم لهذا المخلوق الإلهي المتميز، بما أودع الله فيه من روحه ووهبه العلم والإرادة والقدرة على التكامل والصعود إلى الدرجات الكمالية العالية.
ولعل هذا المعنى الثاني هو الظاهر من مجموعة الصور والآيات القرآنية التي تحدثت عن هذا الموضوع، حيث نلاحظ أن امتناع إبليس عن السجود انما كان بسبب الاستكبار لتفضيل هذا المخلوق، حيث كان يطرح في تفسير عدم السجود أنه أفضل من آدم: ﴿... قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ (2)، كما أن