الأول: أن بني إسرائيل كانوا يلتفون حول موسى دون أن يكون هناك خلاف في صفوفهم أو دون أن يبرز هذا الخلاف إلى السطح الاجتماعي، والقرآن وان كان لا يصرح بشئ من ذلك، ولكن تدعونا إلى هذا الحكم طبيعة الأشياء، حيث كان الإسرائيليون بالأصل أهل كتاب ونبوات، كما أنهم كانوا يتعرضون لاشد ألوان العذاب، وبذلك هم ينشدون الخلاص. إضافة إلى سكوت القرآن عن ابراز أي خلاف بين بني إسرائيل وبين موسى في هذه المرحلة، واستجابة بني إسرائيل إلى متابعة موسى في هذه الهجرة من مصر. نعم يشير القرآن إلى نقطتين قد يفهم الخلاف منهما، هما: قلة الاشخاص الذين آمنوا بموسى من قومه، واعتراضهم عليه بنزول الأذى، فيهم قبل موسى وبعده.
الثاني: أن موسى كان يعمل بوسائل شتى من اجل انجاح دعوته، فكان يتوصل إلى ذلك بالمناقشات الهادئة مرة وبالمعاجز والآيات ذات الطابع الانتقامي الشديد ثانية، وبالصبر والصمود والانتظار ثالثة.
وقد توصل نتيجة لذلك إلى تحقيق بعض أهدافه، حيث نجد الدعوة تحقق نجاحا في صفوف بعض الفرعونيين أيضا كايمان السحرة له ووجود ظاهرة مؤمن آل فرعون وايمان زوجة فرعون.
الثالث: أن موسى كان يعتمد للحماية من الغضب والانتقام الفرعوني على جهات متعددة يمكن ان نلحظ منها التفاف بني إسرائيل حوله وهم يمثلون أمة كبيرة من الناس وان كانت مضطهدة، ومركزه الاجتماعي السابق في البيت الفرعوني المتميز، واستجابة بعض الفرعونيين لدعوته وخصوصا زوجة فرعون، ولعل موقف مؤمن آل فرعون من الائتمار بموسى لقتله يشير إلى العنصر الأخير من الحماية، وكذلك قبول فرعون بالدخول معه في مناقشة ومباراة تمثل العنصر الثاني، إضافة إلى قضية الآيات والمعاجز وايمان السحرة به.