والاجتماعية التي مر بها، والتي تراكمت آثارها المتنوعة والعميقة في سلوكه الاجتماعي ومحتواه النفسي والروحي.
وكانت تتمثل هذه الازدواجية في الشعور بالعظمة والامتياز والقربى من الله بوحي من تأريخه المجيد الذي عاشه آباؤه وأجداده، كتأريخ النبوات والمقام الاجتماعي المتميز الذي كان ليوسف (عليه السلام) وانقاذه للمجتمع من الكوارث الطبيعية، والتخطيط الاقتصادي الرائع الذي قام به، في الوقت الذي قاسى هذا الشعب حياة طويلة من الاضطهاد والاستعباد ورزح في ظل مستلزماتها من جهل وفقر وانحطاط خلقي ونفسي واجتماعي.
ولعل هذه الازدواجية هي التي تفسر لنا تململ الإسرائيليين وعدم تحملهم لأعباء الرسالة وعملية الخلاص والانقاذ من ناحية، وتمادي الإسرائيليين في الطلبات وكثرة تمنياتهم على موسى وعدم استجابتهم للخط الذي رسمه لهم لانقاذهم من ناحية أخرى، على ما يتمتع به موسى من مكانة عظيمة عندهم لأنه كان مخلصهم ومنقذهم من الظلم الفرعوني.
وقد استهدف القرآن من وراء اعطاء هذه الصورة للشعب الإسرائيلي تسليط الأضواء على واقع اليهود الذين كانوا يعايشون المسلمين، وكان ينظر إليهم قبل ظهور الاسلام على أنهم أهل الكتاب والمعرفة بالأديان وبكل ما يتصل بعالم الغيب، وحيث تتكشف هذه الصورة الواقعية لهذا الشعب (الازدواجية) وتتضح معالمها فسوف يظهر للمسلمين مدى امكان الاعتماد عليهم وعلى نظرتهم للأشياء، ويتضح تفسير موقفهم من الرسالة والنبي (صلى الله عليه وآله).
كما يمكن أن نلاحظ أيضا مدى الأثر الذي تركته سنوات الاضطهاد والظلم على الأوضاع النفسية والروحية للإسرائيليين، والشعور بالضعف والحذر، ومعاناة موسى (عليه السلام) في محاولة التغلب على ذلك. حيث يظهر هذا الامر بشكل واضح في