أ - ان طبيعة المرحلة التي عرفناها سابقا وهي مواجهة القرآن الكريم كمشكلة لغوية وتأريخية يمكن ان ترجع ببعض جوانبها إلى هذه النقطة، لان الصحابة حين فقدوا العنصر الخارجي (1) الأصيل الذي كان من الممكن ان يساهم في معرفتهم التفسيرية مساهمة فعالة، كان من الطبيعي ان ينحصر نتاجهم التفسيري بما يقتضيه المحتوى الداخلي لهم والمعلومات العامة التي حصلوا عليها من خلال معاشرتهم العامة مع النبي (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن ذلك المحتوى بالمستوى الذي يمكنه ان يواجه القرآن الكريم بشكل أعمق من المشكلة اللغوية والتأريخية، فجاءت هذه المرحلة وهي لا تعنى بكثير من الجوانب العقلية والاجتماعية التي اهتمت بها مراحل متأخرة، خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار التطورات المهمة التي حصلت في المجتمع الاسلامي في عصر الصحابة بسبب الفتح وانتشار الاسلام.
ب - انفتاح باب الرأي والاستحسان، الامر الذي ادى إلى نتائج خطيرة في المعرفة التفسيرية، وانتهى إلى ظهور الصراع التأريخي بين مذاهب التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي.
ج - اعتماد الصحابة على أهل الكتاب في تفسير القرآن، لان السبب الرئيس لوقوع الصحابة في مثل هذه المفارقة هو الفراغ الذي كانوا يعانونه في المعرفة التفسيرية، نتيجة لعدم الاستيعاب - من جانب - والمتطلبات الفكرية التي كانت تواجههم كقادة فكريين - من جانب آخر - وسوف نعرف قريبا مدى الخطأ الذي