1 - فقد كان من مظاهر ذلك ما أشرنا إليه سابقا من طبيعة المرحلة التي فرضت على الصحابة أن يعيشوا القرآن كمشكلة لغوية وتأريخية، فان ذلك كان بسبب عاملين:
أحدهما خارجي: وهو عدم استيعاب الصحابة للثقافة الاسلامية.
والاخر داخلي: وهو المستوى العقلي والفكري الذي كان يعيشه رجال المرحلة، حيث كانوا ينظرون إلى البحث والتأمل خارج حدود المشكلة اللغوية والتأريخية بحثا غير اسلامي، قد ينتهي بهم إلى الانحراف في فهم الدين والضلال عنه.
في الوقت الذي نجد القرآن الكريم يحث على التأمل في الكون، والتدبر في آيات القرآن الكريم ومفاهيمه، واستعمال العقل أداة لادراك بعض المفاهيم الكونية والاجتماعية من خلال النظرية الاسلامية ومفاهيمها.
2 - كما كان من نتائج هذه السذاجة موقف الصحابة من القرآن الكريم - بصفته مصدرا مهما من مصادر المعرفة التفسيرية في ذلك العصر - حيث لم يتمكنوا من الاستفادة الكاملة من العطاء القرآني في هذا المجال، ويلاحظ ذلك في ندرة ما ورد عنهم من محاولات تفسيرية تعتمد في فهم القرآن الكريم على القرآن نفسه، في الوقت الذي نعرف أن طبيعة نزول القرآن الكريم وأسلوبه وترابط النظرية الاسلامية وتكاملها يحتم علينا فهم المقطع القرآني في ضوء جميع ما ورد في القرآن الكريم بصدد معناه.
وفي بعض الموارد حاول الصحابة الاستفادة من عطاء هذا المصدر الأصيل، فتجدهم يخضعون النص القرآني لإطاراتهم الفكرية الخاصة.
ومن الشواهد التي تدل على ذلك تلك المحاولة التي تنسب إلى بعض الصحابة، حين حاول التعرف على حقيقة إبليس وماهيته، وانه من الجن أو الملائكة حيث خرج - بعد مقارنته لقوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا