وفي تفسير هاتين الآيتين هناك وجهة نظر أخرى وهي: أن الآية الثانية لم تأت لبيان هدف الآية الأولى ولكن تكملة لها، حيث يريد سبحانه أن يبين المعنى التالي وهو: أننا لسنا بعاجزين ومغلوبين على أن نذهب بقسم ونأتي بآخرين مكانهم (1).
ويوجد تفسيران لجملة على أن نبدل أمثالكم.
الأول: هو نفس التفسير المذكور أعلاه، والذي هو المشهور بين المفسرين، وطبقا لهذا الرأي تكون عملية تبديل الأقوام في هذه الدنيا.
والثاني هو: أن المقصود من (أمثال) هم نفس البشر الذين يبعثون في يوم القيامة، والتعبير ب (مثل) لأن الإنسان لا يبعث مرة أخرى بكل خصوصياته التي كان عليها، إذ أنه سيكون في وقت جديد وكيفيات جديدة من حيث الروح والجسم.
إلا أن التفسير الأول هو الأنسب حسب الظاهر.
وعلى كل حال، فإن الهدف هو الاستدلال على المعاد من خلال مسألة الموت، ويمكن توضيح الدليل بالصورة التالية: إن الله الحكيم الذي خلق الإنسان وقدر له الموت فطائفة يموتون وآخرين يولدون باستمرار، من البديهي أن له هدف.
فإذا كانت الحياة الدنيا هي الهدف فالمناسب أن يكون عمر الإنسان خالدا وليس بهذا المقدار القصير المقترن مع ألوان الآلام والمشاكل.
وسنة الموت تشهد أن الدنيا معبرا وليست منزلا وأنها جسر وليست مقصدا، لأنها لو كانت مستقرا ومقصدا للزم أن تدوم الحياة فيها.
جملة وننشئكم فيما لا تعلمون ظاهرا إشارة إلى خلق الإنسان يوم القيامة،