والإنس إلا ليعبدون فيسر كلا لما خلق له، فويل لمن استحب العمى على الهدى " (1).
وهذا الحديث إشارة ذات معنى غزير إلى هذه الحقيقة، وهي أن الله لما خلق الناس لهدف تكاملي هيأ له وسائله التكوينية والتشريعية وجعلها في اختياره.
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن الإمام الحسين خطب أصحابه فقال: " إن الله عز وجل ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه " (2).
3 6 - الإجابة على سؤال ويرد هنا سؤال آخر، وهو إذا كان الله قد خلق العباد ليعبدوه، فعلام يختار قسم منهم طريق الكفر؟ وهل يمكن أن تتخلف إرادة الله عن هدفه؟!
وفي الحقيقة إن الذين يوردون هذا الإشكال خلطوا بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية. لأن الهدف من العبادة لم يكن إجباريا، بل العبادة توأم الإرادة والاختيار. وبهذا يتجلى الهدف بصورة تهيأة الأرضية أو المجال.. فمثلا لو قلت إني بنيت هذا المسجد ليصلي الناس فيه، فمفهومه أنني هيأته لهذا العمل! لا أنني أجبر الناس على الصلاة فيه! وكذلك في الموارد الأخر كبناء المدرسة للدرس، والمستشفى للتداوي، والمكتبة للمطالعة!
وهكذا فإن الله هيأ هذا الإنسان للطاعة والعبادة، ووفر له كل وسائل المساعدة من قبيل والعقل والعواطف والقوى المختلفة في الداخل، وإرسال الأنبياء والكتب السماوية والمناهج التشريعية في الخارج الخ.
ومن المسلم به أن هذا المعنى في المؤمن والكافر واحد، إلا أن المؤمن أفاد