في بداية السورة رواية تؤكد على ضرورة تعقيبنا بهذه العبارة (لا شئ من آلائك ربي اكذب) بعد كل مرة نتلو فيها الآية الكريمة: فبأي آلاء ربكما تكذبان.
وبالرغم من أن الآيات السابقة تحدثت عن الإنسان فقط، ولم يأت حديث عن طائفة (الجن) إلا أن الآيات اللاحقة تبين أن المخاطب في ضمير التثنية هم (الجن) كما سنرى ذلك.
وعلى كل حال، فإن الله تعالى يضع (الإنس والجن) في هذه الآية مقابل الحقيقة التالية: وهي ضرورة التفكر في النعم الإلهية السابقة التي منحها الله لكم وتسألون أنفسكم وعقولكم هذا السؤال: فبأي آلاء ربكما تكذبان فإن لم تكذبوا بهذه النعم، فلماذا تتنكرون لولي نعمتكم؟ ولماذا لا تجعلون شكره وسيلة لمعرفته؟ ولماذا لا تعظمون شأنه؟
إن التعبير ب (أي) إشارة إلى أن كل واحدة من هذه النعم دليل على مقام ربوبية الله ولطفه وإحسانه، فكيف بها إذا كانت هذه النعم مجتمعة؟
* * * تعقيب 3 1 - معرفة النعم طريق لمعرفة الله:
إذا تأملنا قليلا النعم التي سبق وأن تناولتها الآيات الكريمة: (نعمة القرآن، وخلق الإنسان، وتعليم البيان، والحساب المنظم للزمان، خلق النباتات ومختلف الأشجار، وحاكمية السماء والسنن والقوانين، وخلق الأرض بخصوصياتها المتعددة، وخلق الفاكهة والنخل والحبوب والورود والنباتات المعطرة...) مع جميع جزئياتها والأسرار الخفية في كل واحدة منها لكانت كافية لأن تبعث الإحساس بالشكر في الإنسان وتدفعه إلى معرفة مبدئ هذه النعم وهو الله سبحانه.