أصحاب الشمال هم الذين يستلمون صحائف أعمالهم بأيديهم اليسرى إشارة إلى سوء عاقبتهم، وأنهم من أهل المعاصي والذنوب، وممن تكون النار مصيرا لهم، ويستعمل هذا التعبير عادة لبيان (حسن) أو (سوء) نهاية الإنسان كما في قولنا: السعادة أقبلت علينا يا لها من سعادة!. أو المصيبة داهمتنا يا لها من مصيبة. وكذلك في قوله تعالى: وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال.
ثم يشير سبحانه إلى ثلاثة أنواع من العقوبات التي يواجهونها، الهواء الحارق القاتل من جهة سموم والماء المغلي المهلك من جهة أخرى وحميم، وظل الدخان الخانق الحار من جهة ثالثة وظل من يحموم هذه الألوان من العذاب تحاصرهم وتطوقهم وتسلب منهم الصبر والقدرة... إنها آلام وعذاب لا يطاق، ولو لم يكن غيره من جزاء لكفاهم.
" سموم ": من مادة (سم) بمعنى الهواء الحارق الذي يدخل في مسام الجلد فتهلكهم، (ويقال للسم سما لأنه ينفذ في جميع خلايا الجسم).
و " حميم ": بمعنى الشئ الحار، وهنا جاء بمعنى الماء الحارق والذي أشير له في آيات قرآنية سابقة كما في قوله تعالى يصب من فوق رؤوسهم الحميم. (1) " يحموم ": من نفس المادة أيضا، وهنا بمناسبة الظل فسرت الكلمة بمعنى الظل الغليظ الأسود والحار.
ثم يضيف البارئ مؤكدا فيقول: لا بارد ولا كريم.
المظلة عادة تحمي الإنسان من الشمس والمطر والهواء ولها منافع أخرى، والظل المشار إليه في الآية الكريمة ليس له من هذه الفوائد شئ يذكر.
والتعبير ب (كريم) من مادة (كرامة) بمعنى مفيد فائدة، ولذلك فإن المتعارف بين العرب إذا أرادوا أن يعرفوا شيئا أو شخصا بأنه غير مفيد يقولون (لا كرامة