فليس ذلك ليستفيد منهم، بل يريد أن يجود عليهم، وهذا على العكس من العبودية بين الناس، لأنهم يطلبون الرق والعبيد ليحصلوا بهم الرزق أو المعاش، أو أن يخدموهم في البيت، فيقدموا لهم الطعام والشراب، وفي كلتا الحالين فإنما يعود نفعهم على مالكيهم، وهذا الأمر ناشئ عن احتياج الإنسان، إلا أن جميع هذه المسائل لا معنى لها في شأن الله، إذ ليس غنيا عن عباده فحسب، بل هو يضمن لعباده الرزق بلطفه وكرمه " ورزق الجميع على الله ".
3 2 - الله ذو القوة المتين " المتين " كلمة مشتقة من متن، وهو في الأصل ما يكتنف العمود الفقري من لحم وعصب التي تشد الظهر وتجعله مهيأ لتحمل الأعباء، ولذلك فقد استعمل " المتن " بمعنى القوة الكاملة والطاقة والقدرة، فبناء على ذلك فإن ذكر " المتين " بعد ذكر كلمة " ذو القوة " إنما هو للتأكيد، لأن " ذو القوة " إشارة إلى أصل قدرة الله!
" والمتين " إشارة إلى كمال القدرة، وحين تقترن هذه الكلمة ب " الرزاق " وهو صيغة مبالغة أيضا تدل على هذه الحقيقة، وهي أن الله له منتهى القدرة والتسلط في إيلاء الرزق وإعطائه لمن يشاء، وهو يوصل الرزق إلى أية جهة كانت وأي مكان كان.. في أعماق البحار، وفي قمم الجبال، وفي سفوح التلال وعلى ضفاف الأنهار، وفي الوديان والصحاري والبراري.. وجميع ما في الوجود ومن في الوجود مجتمعون على مائدته الكريمة، إذا فخلق الله للإنسان وسائر الموجودات لم يكن لحاجته إليهم، بل ليفيض عليهم من لطفه العميم.
3 3 - لم قدم ذكر الجن مع أنه يستفاد من آيات القرآن بشكل واضح أن الإنس أفضل من الجن، إلا أنه قدم ذكر الجن على الإنس في الآية الآنفة، ولعل الظاهر منه أن الجن خلقوا قبل