النار " يعني اشتعالها واحتراقها، ويقال " أجاج " للمياه التي تحرق الفم عند شربها لشدة ملوحتها ومرارتها وحرارتها.
نختتم حديثنا هذا بحديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث ذكر الرواة أن النبي كان إذا شرب الماء قال: " الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا " (1).
وأخيرا نصل إلى سابع - وآخر - دليل للمعاد في هذه السلسلة من الآيات الكريمة، وهو خلق النار التي هي أهم وسيلة لحياة الإنسان وأكثرها أهمية له في المجالات الصناعية المختلفة، حيث يقول سبحانه: أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤون.
" تورون ": من مادة (ورى) على وزن (نفى) بمعنى الستر، ويقال للنار التي تكون مخفية في الوسائل التي لها القابلية على الإشتعال والتي تظهر بشرارة " ورى " و " ايراء "، وخروجها يكون عن.
وتوضيح ذلك: إن لإشعال النار وإيجاد الشرارة الأولى، والتي تستحصل اليوم بواسطة الكبريت والقداحات وما إلى ذلك، فإنهم كانوا يحصلون عليها من الحديد والحجر المخصص للقدح، حيث تظهر الشرارة بضرب الواحد بالآخر، أما أعراب الحجاز فكانوا يستفيدون من نوعين من الشجر الخاص الذي ينمو في الصحراء وهما (المرخ) و (العفار) حيث يأخذون قطعتي خشب ويضعون الأولى أسفل والعفار فوقه فتتولد الشرارة منها كما تتولد من الحجر المستعمل للقدح.
وفسر أغلب المفسرين الآية بأنها دليل آخر على قدرة الله البالغة في النار المخفية في خشب الأشجار الخضراء كمولد للشرر والنار، في الوقت الذي تكون فيه الأشجار الخضراء مشبعة بالماء، فأين الماء؟ وأين النار؟