تصدقون بالمعاد (1)؟!
لماذا تتعجبون من الحشر والمعاد الجسمي بعد أن تصبح أجسامكم ترابا؟ ألم نخلقكم من التراب أول مرة؟ أليس حكم الأمثال واحدا؟
هذه الاستدلالات في الحقيقة شبيهة بما جاء في قوله تعالى: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. (2) وفي الآية اللاحقة يشير البارئ إلى دليل ثان حول هذه المسألة فيقول:
أفرأيتم ما تمنون (3) أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون.
من الذي يجعل من هذه النطفة الحقيرة التي لا قيمة لها في كل يوم بخلق جديد وشكل جديد، وخلق بعد خلق؟! هذه التطورات العجيبة التي بهرت العقول وأولي الألباب من المفكرين، هل كانت من خلقكم أم من خلق الله تعالى؟
وهل أن القادر على الخلق المتكرر يعجز عن إحياء الموتى في يوم القيامة؟
إن المفاهيم التي وردت في هذه الآية تحكي نفس المفاهيم التي جاءت في قوله تعالى: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا. (4) وإذا تجاوزنا ذلك وأخذنا بنظر الاعتبار ما يقوله علماء اليوم حول قطرة الماء هذه (النطفة) التي في ظاهر الأمر لا قيمة لها، سوف يتضح لنا الحال أكثر،