وبهما من العظمة والكبر والاحمرار ما لم ير مثله قط. وأقبل يحاول البطش بيديه بابن ماسويه، ورام مخاطبته فعجز عن ذلك، وقضى عن ساعته وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وحمل إلى طرطوس فدفن بها (1).
ويحتمل أن يكون لمرضه سابقة، ويقول بعض المؤرخين: إن كل شخص شرب من ماء تلك العين مرض، أو أن السمكة كانت تحتوي على رشح سام، وكيفما كان فإن الحكومة بتلك العظمة قد إنهارت في بضع لحظات، وانحنى بطل ميادين الحرب أمام شراع الموت، ولم تكن القدرة لأي شخص أن يصنع شيئا للمأمون، أو على الأقل ليوصله إلى مقره ومسكنه.
وللتاريخ خواطر وقصص كثيرة فيها دروس وعبر من هذا القبيل.
3 ثانيا: هل أن قبض الروح يكون تدريجيا؟
إن التعبير بوصول الروح إلى الحلقوم كما في قوله تعالى: فلولا إذا بلغت الحلقوم كناية عن آخر لحظات الحياة، كما أنه من المحتمل أن يكون منشؤها هو أن غالبية أعضاء جسم الإنسان كالأيدي والأرجل تتعطل عند الموت قبل بعض الأعضاء الأخرى، والحلقوم هو العضو الأخير الذي يتوقف عن العمل. قال تعالى:
كلا إذا بلغت التراقي، (2) (والترقوة) هي العظام التي تحيط بأطراف الحلق.
* * *