3 4 - تأريخ وقوع هذه المعجزة:
من الواضح أنه لا خلاف بين المفسرين ورواة الحديث حول حدوث ظاهرة شق القمر في مكة وقبل هجرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكن الذي يستفاد من بعض الروايات هو أن حدوث هذا الأمر كان في بداية بعثة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). في حين يستفاد من البعض الآخر أن حدوث هذا الأمر قد وقع قرب هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي آخر عهده بمكة، وكان استجابة لطلب جماعة قدموا من المدينة لمعرفة الحق وأتباعه، إذ أنهم بعد رؤيتهم لهذه المعجزة آمنوا وبايعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة (2).
ونقرأ في بعض الروايات أيضا أن سبب اقتراح شق القمر كان من أجل المزيد من الاطمئنان بمعاجز الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنها لم تكن سحرا لأن السحر عادة يكون في الأمور الأرضية (3). ومع ذلك فإن قسما من المتعصبين والمعاندين لم يؤمنوا برغم مشاهدتهم لهذا الإعجاز، وتعللوا بأنهم ينتظرون قوافل الشام واليمن، فإن أيدوا هذا الحادث ورؤيتهم له آمنوا... ومع إخبار المسافرين لهم بذلك، إلا أنهم بقوا مصرين على الكفر رافضين للإيمان (4).
والنقطة الأخيرة الجديرة بالذكر أن هذه المعجزة العظيمة والكثير من المعاجز الأخرى ذكرت في التواريخ والروايات الضعيفة مقترنة ببعض الخرافات والأساطير، مما أدى إلى حصول تشويش في أذهان العلماء بشأنها، كما في نزول قطعة من القمر إلى الأرض. لذا فإن من الضروري فصل هذه الخرافات وعزلها بدقة وغربلة الصحيح من غيره، حتى تبقى الحقائق بعيدة عن التشويش ومحتفظة بمقوماتها الموضوعية.
* * *