ورؤية قلب النبي في هذا الشهود لم تكن بغير الحق أبدا، ولم ير سواه، ولقد رأى من دلائل عظمة الله في الآفاق والأنفس أيضا وشاهدها بعينيه.
ومسألة الشهود الباطني كما أشرنا إليها من قبل هي نوع من الإدراك أو الرؤية التي لا تشبه الإدراكات العقلية ولا الإدراكات الحسية التي يدركها الإنسان بواسطة الحواس الظاهرة، ولعله يشبه من بعض الجهات بعلم الإنسان بوجود نفسه وأفكاره وتصوراته.
توضيح ذلك.. اننا نوقن بوجود أنفسنا وندرك أفكارنا ونعرف إرادتنا وميولنا النفسية، إلا أن مثل هذه المعرفة لم تحصل لا عن طريق الاستدلال ولا عن طريق المشاهدة الظاهرية بل هي نوع من الشهود الباطني لنا، وعن هذا الطريق وقفنا على وجودنا وروحياتنا.
ولذلك فإن العلم الحاصل عن الشهود الباطني لا يقع فيه الخطأ، لأنه لم يحصل عن طريق الاستدلال الذي قد يقع الخطأ في مقدماته، ولا عن طريق الحس الذي قد يقع الخطأ فيه بواسطة الحواس.
صحيح أننا لا نستطيع أن نكشف حقيقة الشهود الذي حصل للنبي ليلة المعراج في رؤيته الله عز وجل إلا أن المثال الذي ذكرناه مناسب للتقريب..
والروايات الإسلامية بدورها خير معين لنا في هذا الموضوع * * * 2 بحوث 3 1 - المعراج حقيقة مقطوع بها لا خلاف بين علماء الإسلام في أصل معراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالآيات تشهد على ذلك سواء في هذه السورة محل البحث أو في بداية سورة الإسراء، وكذلك الروايات المتواترة.