وتكمل الآية مراحل التوحيد بالإشارة إلى توحيد " الولاية " و " الشفاعة "، فتقول: ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع.
فمع هذا الدليل الواضح، بأن كونه سبحانه خالقا دليل على كونه حاكما، والحاكمية دليل على توحيد الولي والشفيع والمعبود، فلماذا تنحرفون وتضلون وتتمسكون بالأصنام؟ أفلا تتذكرون!
في الحقيقة، إن المراحل الثلاث للتوحيد التي انعكست في الآية أعلاه يعتبر كل منها دليلا على الأخرى، فتوحيد الخالقية دليل على توحيد الحاكمية، وتوحيد الحاكمية دليل على توحيد الولي والشفيع والمعبود.
وهنا طرح بعض المفسرين سؤال، وهو أن الجملة الأخيرة تقول: ما لكم من دون الله من ولي ولا شفيع، ومعناها أن وليكم وشفيعكم الوحيد هو الله سبحانه وحده، فهل من الممكن أن يشفع أحد عنده؟
ويمكن الإجابة على هذا السؤال من ثلاثة جوانب:
1 - بملاحظة أن جميع الشفعاء لا يشفعون إلا بإذنه تعالى: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه (1)، يمكن القول بأن الشفاعة بالرغم من كونها من قبل الأنبياء وأولياء الله، إلا أنها تعود إلى الله سبحانه، سواء كانت الشفاعة لغفران الذنوب والعفو عن العاصين، أم للوصول إلى النعم الإلهية، والشاهد على هذا الكلام الآية التي وردت في بداية سورة " يونس " بمضمون هذه الآية تماما، حيث تقول:
يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه. (2) 2 - إننا عند التوسل بالله نتوسل بصفاته، فنستمد من رحمته ورحمانيته، من كونه غفارا غفورا، ومن فضله وكرمه، فكأننا قد جعلناه شفيعا إلى نفسه، ونعتبر هذه الصفات واسطة بينها وبين ذاته المقدسة، وإن كانت صفاته عين ذاته في