سبحانه، وطبقا لصريح آيات أخرى، فإن الله أخفى هذا العلم عن الجميع: إن الساعة آتية أكاد أخفيها (1)، وذلك كي لا يحيط الغرور والغفلة بأطراف البشر.
ثم تقول الآية: إن مسألة القيامة ليست هي المسألة الوحيدة الخافية عليكم، ففي حياتكم اليومية، ومن بين أقرب المسائل المرتبطة بحياتكم ومماتكم، مسائل كثيرة تجهلونها..
أنتم لا تعلمون زمان نزول قطرات المطر، والتي ترتبط بها حياة كل الكائنات الحية، وإنما تتوقعونها على أساس الحدس والظن والتخمين.
وكذلك زمان تكونكم في بطون الأمهات وخصائص الجنين فلا علم لأحد منكم بذلك.
ومستقبلكم القريب، أي حوادث الغد، وكذلك مكان موتكم وتوديعكم للحياة، خاف على الجميع.
فإذا كنتم جاهلين بهذه المسائل القريبة من حياتكم والمتصلة بها، فلا مجال للعجب من عدم علمكم بلحظة قيام القيامة (2).
ونقل في الدر المنثور: أن رجلا يقال له " الوراث "، من بني " مازن بن حفصة "، جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد، متى تقوم الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب؟ وقد تركت امرأتي حبلى فمتى تلد؟ وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا أكسب غدا؟ وقد علمت بأي أرض ولدت فبأي أرض أموت؟ فنزلت هذه الآية (3).
* * *