ملحوظة (1).
بل نقرأ في بعض التواريخ أن النبي (صلى الله عليه وآله) تزوج بعدة زوجات، ولم يجر إلا مراسم العقد، ولم يباشرهن أبدا، بل إنه اكتفى في بعض الموارد بخطبة بعض نساء القبائل فقط (2).
وقد كان هؤلاء يفرحون ويسرون ويفتخرون بأن امرأة من قبيلتهم قد سميت بزوجة النبي (صلى الله عليه وآله) فحصل لهم هذا الفخر، وبذلك فإن علاقتهم الاجتماعية بالنبي كانت تشتد وتقوى، ويصبحون أكثر تصميما على الدفاع عنه.
ومن جانب آخر، فمع أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن رجلا عقيما، إلا أنه لم يكن له من الأولاد إلا القليل، في حين أن هذا الزواج المتعدد لو كان بسبب جاذبية هذه النسوة، وإثارتهن الجنسية، فينبغي أن يكون له من الأولاد الكثير.
وكذلك ينبغي الالتفات إلى أن بعض هذه النساء - كعائشة - كانت صغيرة جدا عندما أصبحت زوجة للنبي (صلى الله عليه وآله)، وقد مرت سنين حتى استطاعت أن تكون زوجة حقيقية له، وهذا يوحي بأن الاقتران بمثل هذه البنت الصغيرة كانت له أهداف أخرى، وكان الهدف الأصلي هو ما أشرنا إليه قبل قليل.
وبالرغم من أن أعداء الإسلام أرادوا أن يتخذوا من تعدد زواج النبي (صلى الله عليه وآله) حربة لأشد هجماتهم المغرضة، ويحوكون منها أساطير أوهى من خيط العنكبوت للطعن في نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) إلا أن سن النبي المتقدمة عند إقدامه على تكرار الزواج من جهة، والظروف الخاصة المتعلقة بالنساء من ناحية العمر والقبيلة من جانب آخر، والقرائن المختلفة التي أشرنا إلى قسم منها آنفا من جهة ثالثة تجعل الحقيقة واضحة كالشمس، وتحبط مؤامرات المغرضين وتفضحها.
* * *