قلنا قبل هذا في تفسير سورة الرعد أيضا، فإن هذا التعبير إشارة لطيفة إلى قانون الجاذبية الذي يبدو كالعمود القوي جدا، إلا أنه غير مرئي، يحفظ الأجرام السماوية.
وقد صرح في حديث رواه حسين بن خالد، عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، أنه قال: " سبحان الله! أليس الله يقول: بغير عمد ترونها؟ " قلت:
بلى، قال: " ثم عمد ولكن لا ترونها " (1) (2).
وعلى كل حال، فإن الجملة أعلاه أحد معاجز القرآن المجيد العلمية، وقد أوردنا تفصيلا أكثر عنها في ذيل الآية (2) من سورة الرعد.
ثم تقول الآية في الغاية من خلق الجبال: وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم (3).
إن هذه الآية التي لها نظائر كثيرة في القرآن، توضح أن الجبال وسيلة لتثبيت الأرض، وقد تثبت هذه الحقيقة اليوم من الناحية العلمية من جهات عديدة:
فمن جهة أن أصولها مرتبطة مع بعضها، وهي كالدرع المحكم يحفظ الكرة الأرضية أمام الضغوط الناشئة من الحرارة الداخلية، ولولا هذه الجبال فإن الزلازل المدمرة كانت ستبلغ حدا ربما لا تدع معه للإنسان مجالا للحياة.
ومن جهة أن هذه السلسلة المحكمة تقاوم جاذبية القمر والشمس الشديدة، وإلا فسيحدث جزر ومد عظيمان في القشرة الأرضية أقوى من جزر ومد البحار، وتجعل الحياة بالنسبة للإنسان مستحيلة.
ومن جهة أنها تقف سدا أمام العواصف والرياح العاتية، وتقلل من تماس الهواء