في جملة: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس إرادة تكوينية لا تشريعية.
ولمزيد التوضيح ينبغي أن نذكر بأن المراد من " الإرادة التشريعية " هي أوامر الله ونواهيه، فنعلم مثلا أن الله سبحانه يريد منا أداء الصلاة والصوم والحج والجهاد، وهذه إرادة تشريعية. ومن المعلوم أن الإرادة التشريعية تتعلق بأفعالنا لا بأفعال الله عز وجل. في حين أن الآية أعلاه تتعلق بأفعال الله سبحانه، فهي تقول:
إن الله أراد أن يذهب عنكم الرجس، وبناء على هذا فإن مثل هذه الإرادة يجب أن تكون تكوينية، ومرتبطة بإرادة الله سبحانه في عالم التكوين.
إضافة إلى ذلك، فإن مسألة الإرادة التشريعية فيما يتعلق بالتقوى والعفة لا تنحصر بأهل البيت (عليهم السلام)، لأن الله قد أمر الجميع بالتقوى والتطهر من الذنوب، وبذلك لا تكون لهم مزية وخاصية، لأن كل المكلفين مشمولون بهذا الأمر.
وعلى أية حال، فإن هذا الموضوع - أي الإرادة التشريعية - مضافا إلى أنه لا يناسب ظاهر الآية، فإنه لا يتناسب مع الأحاديث السابقة بأي وجه من الوجوه، لأن كل تلك الأحاديث تتحدث عن فضيلة سامية وهبة مهمة خاصة بأهل البيت (عليهم السلام).
ومن المسلم أيضا أن " الرجس " هنا لا يعني الرجس الظاهري، بل هو إشارة إلى الأرجاس الباطنية، وإطلاق هذه الكلمة ينفي انحصارها وكونها محدودة بالشرك والكفر والأعمال المنافية للعفة وأمثال ذلك، فإنها تشمل كل الذنوب والمعاصي والمفاسد العقائدية والأخلاقية والعملية.
والمسألة الأخرى التي ينبغي الالتفات إليها بدقة هي أن الإرادة التكوينية التي تعني الخلقة والإيجاد، تعني هنا " المقتضي " لا العلة التامة لتكون موجبة للجبر وسلب الاختيار.
وتوضيح ذلك، إن مقام العصمة يعني حالة تقوى الله التي توجد عند الأنبياء والأئمة بمعونة الله سبحانه، لكن وجود هذه الحالة لا يعني أنهم غير قادرين على