فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (الآيات الثلاث إلى.. تخرجون) أدرك ما فاته في يومه، وإن قالها حين يمسي أدرك ما فاته ليلته " (1).
وفي الآية التالية عودة إلى المعاد، ويرد القرآن المنكرين له عن طريق آخر، فيقول: يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون.
أي إن ميدان " المعاد " وميدان " نهاية الدنيا " المتمثل أحدهما بخروج " الحي من الميت " والآخر " خروج الميت من الحي " يتكرران أمام أعينكم، فلا مجال للتعجب من أن تحيا الكائنات جميعا، ويعود الناس في يوم القيامة إلى الحياة مرة أخرى!
أما التعبير ب " يخرج الحي من الميت " المستعمل للأراضي الموات، فقد ذكره القرآن مرارا في مسألة المعاد وواضح أن الأرض تبدوا ميتة في فصل الشتاء، فلا خضرة ولا أزهار تضحك ولا براعم تتفتح، ولكن في فصل الربيع مع سقوط الغيث واعتدال الهواء، تدب الحركة في الأرض، وتنمو الخضرة في كل مكان، وتتبسم الأزهار وتنمو البراعم على الأغصان وهذا ميدان المعاد الذي نراه في هذه الدنيا.
وأما مسألة " إخراج الميت من الحي " فهي ليست شيئا خافيا ولا مستترا، فدائما تموت الأشجار على الأرض وتتبدل إلى أخشاب، ويفقد الإنسان والحيوان حياتهما، ويتبدل كل منهما إلى جسد هامد لا روح فيه.
وأما ما يتعلق ب " إخراج الحي من الميت " ففسره بعضهم بخروج الإنسان والحيوان من النطفة، وقال بعضهم: بل المراد منه تولد المؤمن من الكافر، وقال بعضهم: المراد منه تيقظ النائمين والراقدين.
والظاهر أنه ليس أيا من هذه المعاني هو المعنى الأصلي، لأن النطفة بنفسها