فالقرآن يبين أن الله يعلم الأشياء التي تدعونها - كائنا من كان، وأي شئ كان - فكل أولئك المعبودين إزاء قدرته كمثل بيت العنكبوت، ولا يملكون لأنفسهم شيئا كي يعطوه لكم.، والآية الثالثة - من الآيات محل البحث - لعلها تشير إلى ما استشكله أعداء الإسلام على النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه الأمثلة التي ضربها الله، وكانوا يقولون: الله الذي خلق السماوات والأرض كيف يضرب الأمثال بالعنكبوت والذباب والحشرات وما شاكلها؟
فيرد القرآن بقوله: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون.
إن أهمية المثال وظرافته لا تكمن في كبره وصغره، بل تظهر أهميته في انطباق المثال على المقصود، فقد يكون صغر الشئ الممثل به أكبر نقطة في قوته.
قالوا في ضرب الأمثال: ينبغي عند الكلام عن الأشياء الضعيفة والتي فيها وهن أن يمثل لها في ما لو اعتمد عليها ببيت العنكبوت، فهو أحسن شئ ينتخب لهذا الوهن وعدم الثبات، فهذا المثال هو الفصاحة بعينها والبلاغة ذاتها، ولذا قيل:
إنه لا يعلم دقائق أمثلة القرآن ولا يدركها إلا العلماء!.
وفي آخر آية - من الآيات محل البحث - يضيف القرآن الكريم: خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين. ليس في عمل الله باطل أو عبث... فإذا التشبيه بالعنكبوت وبيته الخاوي هو أمر محسوب بدقة. وإذا ما اختار موجودا صغيرا للتمثيل به فهو لبيان الحق، وإلا فهو خالق أعظم المجرات والمنظومات الشمسية وغيرها.
ومن الطريف - هنا - أن نهاية هذه الآيات تنتهي بالعلم والإيمان، ففي مكان يقول القرآن: لو كانوا يعلمون وفي مكان آخر يقول: وما يعقلها إلا العالمون وفي الآية التي نحن في صددها يقول: إن في ذلك لآية للمؤمنين. وهي إشارة