منهم إشارة موجزة " مكثفة " للاستنتاج والعبرة!
في البداية تقول الآية: وإلى مدين أخاهم شعيبا (1).
والتعبير بكلمة " أخاهم " كما قلنا مرارا، هو إشارة إلى منتهى محبة هؤلاء الأنبياء إلى أممهم، وإلى عدم طلبهم السلطة، وبالطبع فإن هؤلاء الأنبياء كانت لهم علاقة قرابة بقومهم أيضا.
و " مدين " مدينة واقعة جنوب غربي الأردن، وتدعى اليوم ب " معان " وهي في شرق خليج العقبة، وكان شعيب (عليه السلام) وقومه يقطنون فيها (2).
وشعيب كسائر أنبياء الله العظام، بدأ بالدعوة إلى الاعتقاد بالمبدأ والمعاد، وهما أساس كل دين وطريقة فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر.
فالإيمان بالمبدأ يكون سببا لإحساس الإنسان بأن الله يراقبه مراقبة دقيقة بشكل دائم ويسجل أعماله، والإيمان بالمعاد يذكر الإنسان بمحكمة عظيمة يحاسب فيها عن كل شئ وكل عمل مهما كان تافها... ومن المسلم أن الاعتقاد بهذين الأصلين له أثره البالغ على تربية الإنسان وإصلاحه!.
والمبدأ الثالث هو بمثابة خطة عمل جامعة، تحمل بين طياتها جميع الخطط الاجتماعية، إذ قال: ولا تعثوا في الأرض مفسدين.
وللفساد مفهوم واسع يشمل كل نقص انحراف، وتدمير، وظلم.. الخ.. ويقابله الصلاح والإصلاح، ومفهومهما يشمل جميع الخطط البناءة!.
أما كلمة " تعثوا " فهي من مادة " عثى " ومعناه إحداث الفساد أو الإفساد، غاية ما في الأمر أن هذا التعبير كثيرا ما يستعمل في الموارد التي تكون فيها " مفاسد أخلاقية "، فعلى هذا يكون ذكر كلمة " مفسدين " بعدها تأكيدا على هذا