الانحراف متأثرا بسبب محيطها... وكانت في بداية الأمر مؤمنة موحدة، وبهذا فلن يرد أي إشكال على لوط (عليه السلام) في أنه لم تزوج بمثل هذه المرأة؟!
وإذا كان جماعة من المؤمنين الآخرين قد آمنوا بلوط، فمن المؤكد أنهم كانوا قد هاجروا عن تلك الأرض المدنسة قبل هذا الحادث، ما عدا لوطا وأهله، فإنه كان عليه أن يبقى إلى آخر ساعة هناك، لاحتمال تأثير تبليغه وإنذاره.
هنا ينقدح هذا السؤال: ترى هل كان " إبراهيم " يحتمل أن عذاب الله سيشمل لوطا، فأظهر تأثره أمام الملائكة، غير أنهم طمأنوه بنجاة لوط؟!
والجواب الواضح على هذا السؤال، وهو أن إبراهيم كان يعرف الحقيقة، وإنما سأل ليطمئن قلبه، نظير هذا السؤال ما كان من هذا النبي العظيم في شأن المعاد وإحياء الموتى، إذ جسد له الله ذلك في إحياء أربعة من الطير " ليطمئن قلبه ".
إلا أن المفسر الكبير العلامة الطباطبائي يعتقد أن المراد من سؤال إبراهيم هو أن وجود " لوط " بين هؤلاء القوم سيكون دليلا على رفع العذاب عنهم...
ويستعين بالآيات (74) - (76) من سورة هود على هذا المقصد، لأن هذه الآيات تبين: أنه (عليه السلام) كان يريد بقوله: إن فيها لوطا أن يصرف العذاب بأن فيها لوطا وإهلاك أهلها يشمله، فأجابوه بأنهم لا يخفى عليهم ذلك بل معه غيره ممن لا يشملهم العذاب وهم أهله إلا امرأته. (1) لكننا نعتقد أن هذا الجواب من الملائكة - في صدد نجاة لوط وأهله - يدل بوضوح أن الكلام في هذه الآيات هو على لوط فحسب، ولكن آيات سورة هود تتحدث عن موضوع منفصل، وكما قلنا آنفا فإن إبراهيم كان ليطمئن قلبه أكثر " فلاحظوا بدقة ".