الكلام هنا - وفي ما بعد - يقع على الامتحانات الشديدة للأنبياء، وكيف أنهم كانوا تحت ضغط الأعداء وإيذائهم، وكيف صبروا وكانت عاقبة صبرهم النصر! ليكون هذا الكلام تسلية لقلوب أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) الذين كانوا تحت وطأة التعذيب الشديد من قبل الأعداء - من جانب - وتهديدا للأعداء لينتظروا عاقبتهم الوخيمة من جانب آخر.
تبدأ الآيات أولا بالكلام على أول نبي من أولي العزم وهو " نوح " (عليه السلام)، وتتحدث عنه بعبارات موجزة، لتجمل قسما من حياته التي تناسب - كثيرا - الواقع الراهن للمسلمين - آنئذ - فتقول: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما.
كان نوح مشغولا ليل نهار بالتبليغ ودعوة قومه إلى توحيد الله - فرادى ومجتمعين، مستفيدا من جميع الفرص في هذه المدة الطويلة (أي تسعمائة وخمسين عاما) يدعوهم إلى الله.. ولم يشعر بالتعب والنصب من هذا السعي المتتابع ولم يظهر عليه الضعف والفتور.
ومع كل هذا الجهد الجهيد لم يؤمن به إلا جماعة قليلة في حدود الثمانين شخصا كما تنقل التواريخ (أي بمعدل نفر واحد لكل اثنتي عشرة سنة!).
فعلى هذا لا تظهروا الضعف والتعب في سبيل الدعوة إلى الحق ومواجهة الانحرافات، لأن منهجكم أمام منهج " نوح " سهل للغاية.
لكن لاحظوا كيف كانت عاقبة قوم نوح الظالمين الألداء: فأخذهم الطوفان وهم ظالمون.
وهكذا انطوى " طومار " حياتهم الذليلة، وغرقت قصورهم وأجسادهم وآثارهم في الطوفان وأمواجه.
والتعبير ب ألف سنة إلا خمسين عاما مع إمكان القول " تسعمائة وخمسين سنة " من البداية، هو إشارة إلى عظمة المدة وطول الزمان، لأن عدد " الألف " وأي