[سورة النور الآية 25] (1).
أما الآية التي تليها، فهي - في الحقيقة - تعليل لما سبق بيانه في الآية الآنفة، إذ تقول: إن على المؤمنين الذين يرغبون في لقاء الله السعي بما أوتوا من قدرة وقابلية من أجل ذلك فإن نتيجة كل ذلك السعي والجهاد وتحمل الشدائد ترجع ثمارها للعامل نفسه: ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين.
إن خطة الامتحان الإلهي هي الجهاد، جهاد النفس وهواها، وجهاد الأعداء الألداء، لحفظ الإيمان والتقوى والطهارة، ونفع ذلك يعود للانسان... وإلا فإن الله وجود غير متناه من جميع الوجوه، وغير مفتقر لأي شئ حتى يتم بواسطة طاعة الناس أو عبادتهم جبرانه، ولا ينقصه شئ حتى يكمله الآخرون، فكل ما عندهم فمنه، وليس لهم شئ من أنفسهم!.
ويتضح هنا من هذا البيان أن الجهاد لا يعني بالضرورة جهاد العدو المسلح، بل يحمل معناه اللغوي الذي يشمل كل أنواع السعي والجد لحفظ الإيمان والتقوى، وتحمل أنواع الشدائد، والمواجهات " الموضعية " للأعداء الألداء والحاقدين.
والخلاصة أن جميع منافع هذا الجهاد ترجع للشخص المجاهد نفسه، وهو الذي يفوز بخير الدنيا والآخرة في جهاده، وحتى إذا كان المجتمع يستفيد من بركات هذا الجهاد، فهو في مرحلة أخرى بعده.
فعلى هذا، متى ما وفق أي إنسان إلى الجهاد فنال نصيب منه، فعليه أن يشكر الله على هذه النعمة!.
وآخر آية - محل البحث - توضيح لما تقدم ذكره في الآية السابقة بشكل مبهم تحت عنوان الجهاد، فهنا يكشف القرآن حقيقة الجهاد فيقول: والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم.