يبدأ هذا المقطع بالآية التالية ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون.
والكلام في أن المقصود من " القرون الأولى " أي الأقوام السابقين.. من هم؟!
قال بعض المفسرين: هو إشارة إلى الكفار من قوم نوح وعاد وثمود وأمثالهم.. لأنه بتقادم الزمان ومضيه تمحى اثار الأنبياء السابقين، ويلزم من ذلك وجود كتاب سماوي جديد في أيدي البشر!.
وقال بعض المفسرين: هو إشارة إلى هلاك قوم فرعون الذين كانوا بقايا الأقوام السابقين، لأن الله سبحانه آتي موسى كتاب " التوراة " بعد هلاكهم.
ولكنه لا مانع من أن يكون المقصود بالقرون الأولى في الآية شاملا لجميع الأقوام.
و " البصائر " جمع " بصيرة " ومعناها الرؤية، والمقصود بها هنا الآيات والدلائل التي تستوجب إنارة قلوب المؤمنين.. و " الهدى " و " الرحمة " أيضا من لوازم البصيرة.. وعلى أثرها تتيقظ القلوب (1).
ثم يبين القرآن الكريم هذه الحقيقة، وهي أن ما ذكرناه لك " يا رسول الله، في شأن موسى وفرعون وما جرى بينهما بدقائقه، هو في نفسه دليل على حقانية القرآن، لأنك لم تكن " حاضرا " في هذه " الميادين " التي كان يواجه موسى فيها فرعون وقومه! ولم تشهدها بعينيك.. بل هو من الطاف الله عليك، إذ أنزل عليك هذه الآيات لهداية الناس.. يقول القرآن: وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر أي الأمر بالنبوة وما كنت من الشاهدين.
الذي يجلب الانتباه ويستلفت النظر هنا أن موسى (عليه السلام) حين سار من مدين إلى مصر مر في طريق سيناء، وكان بهذا الاتجاه يسير من الشرق نحو الغرب.