التي خارج القرية يقربون إليها القرابين ويذبحون الذبائح ثم يحرقونها في النار فيسجدون للشجرة عند ارتفاع دخانها وسطوعه في السماء ويبكون ويتضرعون، والشيطان يكلمهم من الشجرة. وكان هذا دأبهم في القرى حتى إذا كان يوم عيد قريتهم العظمى التي كان يسكنها ملكهم واسمها (أسفندار) اجتمع إليها أهل القرى جميعا وعيدوا اثني عشر يوما، وجاءوا بأكثر ما يستطيعونه من القرابين والعبادات للشجرة، وكلمهم إبليس وهو يعدهم ويمنيهم أكثر مما كان من الشياطين في سائر الأعياد من سائر الشجر.
ولما طال منهم الكفر بالله وعبادة الشجرة، بعث الله إليهم رسولا من بني إسرائيل من ولد يهودا، فدعاهم برهة إلى عبادة الله وترك الشرك، فلم يؤمنوا، فدعا على الشجرة فيبست، فلما رأوا ذلك ساءهم، فقال بعضهم: إن هذا الرجل سحر آلهتنا، وقال آخرون: إن آلهتنا غضبت علينا بذلك لما رأت هذا الرجل يدعونا إلى الكفر بها فتركناه وشأنه من غير أن نغضب لآلهتنا. فاجتمعت آراؤهم على قتله فحفروا بئرا عميقا وألقوه فيها، وسدوا فوهتها، فلم يزالوا عليها يسمعون أنينه حتى مات، فأتبعهم الله بعذاب شديد أهلكهم عن آخرهم ". (1) قرائن متعددة تؤيد مضمون هذا الحديث، لأن مع وجود ذكر " أصحاب الرس " في مقابل عاد وثمود يكون احتمال أنهم جماعة من هاتين الأمتين بعيدا جدا.
كذلك، فإن وجود هؤلاء القوم في الجزيرة العربية والشامات وتلك الحدود - وهو الذي احتمله الكثيرون - بعيد أيضا، ذلك لأنه يجب أن يكون له انعكاس في تاريخ العرب بحسب العادة، في الوقت الذي لم نر حتى انعكاسا ضئيلا لأصحاب الرس لديهم.