شجرة جذابة، أو شئ آخر يثير هواهم، فإنهم يتوهمونه " معبودا "، فكانوا يجثون على ركبهم أمامه، ويقدمون القربان، ويسألونه حل مشكلاتهم.
وذكر في سبب نزول هذه الآية رواية مؤيدة لهذا المعنى، وهي أن إحدى السنين العجاف مرت على قريش، فضاق عليهم العيش، فخرجوا من مكة وتفرقوا فكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هويه فعبده، وكانوا ينحرون النعم ويلطخونها بالدم ويسمونها " سعد الصخرة "، وكان إذا أصابهم داء في إبلهم أغنامهم جاؤوا إلى الصخرة فيمسحون بها الغنم والإبل، فجاء رجل من العرب بإبل يريد أن يمسح بالصخرة إبله ويتبرك بها، فنفرت إبله فتفرقت، فقال الرجل شعرا:
أتيت إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فما نحن من سعد وما سعد إلا صخرة مستوية * من الأرض لا تهدي لغي ولا رشد ومر به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال شعرا:
ورب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب (1) التفسيران أعلاه لا منافاة بينهما، فأصل عبادة الأصنام - التي هي وليدة الخرافات - هو اتباع الهوى، كما أن اختيار الأصنام المختلفة بلا أي منطق، فرع آخر عن أتباع الهوى أيضا.
وسيأتي بحث مفصل في الملاحظات الآتية، بصدد " اتباع الهوى والشهوات " إن شاء الله.
وأخيرا فإن الجواب القرآني الثالث لهذه الفئة الضالة، هو قوله: أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
يعني لا يؤذينك استهزاؤهم ومقولاتهم السيئة وغير المنطقية أبدا، لأن