تفسر سورة الفاتحة في الصلاة فهي تؤيد ما مر مرارا أن السورة كلام له سبحانه النيابة عن عبده في ما يذكره في مقام العبادة واظهار العبودية من الثناء لربه واظهار عبادته، فهى سورة موضوعة للعبادة، وليس في القرآن سورة تناظرها في شأنها واعنى بذلك: اولا: ان السورة بتمامها كلام تكلم به الله سبحانه في مقام النيابة عن عبده فيما يقوله إذا وجه وجهه إلى مقام الربوبية ونصب نفسه في مقام العبودية. وثانيا: انها مقسمة قسمين، فنصف منها لله ونصف منها للعبد.
وثالثا: أنها مشتملة على جميع المعارف القرآنية على ايجازها واختصارها فان القرآن على سعته العجيبة في معارفه الأصلية وما يتفرع عليها من الفروع من أخلاق واحكام في العبادات والمعاملات والسياسات والاجتماعيات ووعد ووعيد وقصص وعبر، يرجع جمل بياناتها إلى التوحيد والنبوة والمعاد وفروعاتها، وإلى هداية العباد إلى ما يصلح به اولاهم وعقباهم، وهذه السورة كما هو واضح تشتمل على جميعها في أوجز لفظ وأوضح معنى.
وعليك ان تقيس ما يتجلى لك من جمال هذه السورة التي وضعها الله سبحانه في صلاة المسلمين بما يضعه النصارى في صلوتهم من الكلام الموجود في إنجيل متى: (6 - 9 - 13) وهو ما نذكره بلفظه العربي، (أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيتك كما في أسماء كذلك على الأرض، خبزنا كفافنا، أعطنا اليوم، واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا، ولا تدخلنا في تجربة ولكن نجنا من الشرير آمين).
تأمل في المعاني التي تفيدها ألفاظ هذه الجمل بعنوان انها معارف سماوية، وما يشتمل عليه من الأدب العبودي، إنها تذكر أولا: أن أباهم (وهو الله تقدس اسمه) في السماوات!! ثم تدعو في حق الأب بتقدس اسمه واتيان ملكوته ونفوذ مشيته في الأرض كما هي نافذة في السماء، ولكن من الذي يستجيب هذا الدعاء الذي هو بشعارات الأحزاب السياسية أشبه؟ ثم تسئل الله اعطاء خبز اليوم ومقابلة المغفرة بالمغفرة، و