جاء أمر الله قضي بالحق الآية، تدل على أن تأثير هذا المقتضي يتوقف على أمر من الله تعالى يصاحب الاذن الذي كان يتوقف عليه أيضا فتأثير هذا المقتضى يتوقف على مصادفته الامر أو اتحاده معه. وقد فسر الامر في قوله تعالى (انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون) يس - 82، بكلمة الايجاد وقول: كن. وقال تعالى: (ان هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاؤن إلا انشاء الله) الدهر - 29، 30 وقال: (ان هو إلا ذكر للعالمين. لمن شاء منكم ان يستقيم. وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين) التكوير - 27، 28، 29، دلت الآيات على أن الامر الذي للانسان أن يريده وبيده زمام اختياره لا يتحقق موجودا إلا أن يشاء الله ذلك بان يشاء أن يشاء الانسان ويريد إرادة الانسان فإن الآيات الشريفة في مقام أن أفعال الانسان الإرادية وإن كانت بيد الانسان بإرادته لكن الإرادة والمشية ليست بيد الانسان بل هي مستندة إلى مشية الله سبحانه، وليست في مقام بيان أن كل ما يريده الانسان فقد اراده الله فإنه خطأ فاحش ولازمه أن يتخلف الفعل عن إرادة الله سبحانه عند تخلفه عن إرادة الانسان، تعالى الله عن ذلك. مع أنه خلاف ظواهر الآيات الكثيرة الواردة في هذا المورد كقوله تعالى: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هديها) السجدة - 13. وقوله تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) يونس - 99، إلى غير ذلك فإرادتنا ومشيئتنا إذا تحققت فينا فهي مرادة بإرادة الله ومشيته لها وكذا أفعالنا مرادة له تعالى من طريق إرادتنا ومشيتنا بالواسطة. وهما أعني الإرادة والفعل جميعا متوقفان على أمر الله سبحانه وكلمة كن.
فالأمور جميعا سواء كانت عادية أو خارقة للعادة وسواء كان خارق العادة في جانب الخير والسعادة كالمعجزة والكرامة، أو في جانب الشر كالسحر والكهانة مستندة في تحققها إلى أسباب طبيعية، وهي مع ذلك متوقفة على إرادة الله، لا توجد إلا بأمر الله سبحانه أي بأن يصادف السبب أو يتحد مع أمر الله سبحانه.
وجميع الأشياء وإن كانت من حيث إستناد وجودها إلى الامر الإلهي على حد سواء بحيث إذا تحقق الاذن والامر تحققت عن أسبابها، وإذا لم يتحقق الاذن والامر لم تتحقق، أي لم تتم السببية إلا أن قسما منها وهو المعجزة من الأنبياء أو ما سأله عبد