العلمية، وكثير من مشاهدات حواسنا إلا أن هذه الأغلاط إنما تحصل وتوجد إذا قايسنا ما عند الحس مما في الخارج من واقع هذه المشهودات، وأما ما عند الحس في نفسه فهو أمر واقعي كنقطة بيضاء لا معنى لكونه غلطا ألبتة.
والامر فيما نحن فيه من هذا القبيل فإن حواسنا وقوانا المدركة إذا وجدت الأمور الكثيرة المتغيرة المتجزية على صفة الوحدة والثبات والبساطة كانت القوى المدركة غالطة في إدراكها مشتبهة في معلومها بالقياس إلى المعلوم الذي في الخارج وأما هذه الصورة العلمية الموجودة عند القوة فهي واحدة ثابتة بسيطة في نفسها ألبتة، ولا يمكن أن يقال للامر الذي هذا شأنه: إنه مادي لفقده أوصاف المادة العامة.
فقد تحصل من جميع ما ذكرنا أن الحجة التي أوردها الماديون من طريق الحس والتجربة إنما ينتج عدم الوجدان، وقد وقعوا في المغالطة بأخذ عدم الوجود (وهو مدعاهم) مكان عدم الوجدان، وما صوروه لتقرير الشهود النفساني المثبت لوجود أمر واحد بسيط ثابت تصوير فاسد لا يوافق، لا الأصول المادية المسلمة بالحس والتجربة، ولا واقع الامر الذي هو عليه في نفسه.
وأما ما افترضه الباحثون في علم النفس الجديد في أمر النفس وهو أنه الحالة المتحدة الحاصلة من تفاعل الحالات الروحية، من الادراك والإرادة والرضا والحب وغيرها المنتجة لحالة متحدة مؤلفة فلا كلام لنا فيه، فإن لكل باحث أن يفترض موضوعا ويضعه موضوعا لبحثه، وإنما الكلام فيه من حيث وجوده وعدمه في الخارج والواقع مع قطع النظر عن فرض الفارض وعدمه، وهو البحث الفلسفي كما هو ظاهر على الخبير بجهات البحث.
وقال قوم آخرون من نفاة تجرد النفس من المليين: إن الذي يتحصل من الأمور المربوطة بحيوة الانسان كالتشريح والفيزيولوجي أن هذه الخواص الروحية الحيوية تستند إلى جراثيم الحياة والسلولات التي هي الأصول في حياة الانسان وسائر الحيوان وتتعلق بها، فالروح خاصة وأثر مخصوص فيها لكل واحد منها أرواح متعددة فالذي