أن ينال دليل تفاصيله كما أنه مفطور على الاستقلال بالبحث عن دليله التفصيلي فيما يسعه أن ينال تفصيل علته و دليله، وملاك الامر كله أن الانسان لا يركن إلى غير العلم، فمن الواجب عند الفطرة الاجتهاد، وهو الاستقلال في البحث عن العلة فيما يسعه ذلك والتقليد وهو الاتباع ورجوع الجاهل إلى العالم فيما لا يسعه ذلك، ولما استحال إن يوجد فرد من هذا النوع الانساني مستقلا بنفسه قائما بجميع شؤون الأصل الذي يتكي عليه الحياة استحال أن يوجد فرد من الانسان من غير اتباع وتقليد، ومن ادعى خلاف ذلك أو ظن من نفسه انه غير مقلد في حياته فقد سفه نفسه.
نعم: التقليد فيما للانسان أن ينال علته وسببه كالاجتهاد فيما ليس له الورود عليه والنيل منه، من الرذائل التي هي من مهلكات الاجتماع، ومفنيات المدنية الفاضلة ولا يجوز الاتباع المحض إلا في الله سبحانه لأنه السبب الذي إليه تنتهي الأسباب أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون - 75. وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون - 76، أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون - 77. ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون - 78. فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون - 79. وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما